لم يكن مشهد الجنازة في قرية إبشان التابعة لمركز بيلا في محافظة كفر الشيخ، اليوم الأحد، مجرد لحظة وداع عابرة، بل كان تجسيدًا لمسيرة معلم ترك بصمة لا تُنسى في حياة المئات من طلابه.
وداع مهيب لمعلم بيلا
تصدّر طلابه الصفوف الأولى في جنازته، يحملون ملامح حزن حقيقي لا يمكن إخفاؤه، وكأنهم يودّعون أبًا قبل أن يكون معلمًا بينما دموع بعضهم كانت أبلغ من أي كلمات، فيما حاول آخرون التماسك احترامًا لهيبة اللحظة، لكن وقع الفقد كان أكبر من قدرتهم على الاحتمال.
الأهالي الذين احتشدوا بأعداد كبيرة وصفوا مشهد الجنازة بأنه “درس جديد من دروس الوفاء”، فقد سار الجميع خلف المعلم الذي علّمهم معنى الأخلاق قبل الكيمياء.
روى عدد من الأهالي مواقف إنسانية سوف تظل عالقة في ذاكرة طلابه سنوات طويلة، أبرزها طريقته الراقية في التعامل مع الطلاب غير القادرين على دفع مصروفات الدروس، فعندما يأتيه أحدهم معتذرًا، كان يرد بابتسامة مطمئنة:”أبوك جه ودفع الفلوس” وتلك جملة تحمل من جبر الخواطر ما يكفي لتغيير حياة طالب بالكامل، وتكشف معدن رجل عاش ليحفظ كرامة طلابه قبل تعليمهم.
أشاد الأهالي بضمير المعلم الراحل واجتهاده في دروسه داخل المدرسة وخارجها، مؤكدين أنه لم يكن يكتفي بالشرح، بل كان حريصًا على بناء علاقة إنسانية مع كل طالب، علاقة تشعر الطالب أنه ليس مجرد رقم في دفتر الحضور، بل مسؤولية وشغف.
الوفاة المفاجئة تركت صدمة كبيرة بين أهل القرية الذين عرفوه محبًا للخير، مشاركًا في المناسبات الاجتماعية، وصاحب ابتسامة دائمة، ومع أن رحيله كان صادمًا، إلا أن جنازته حملت حجم المحبة التي زرعها في قلوب الجميع طوال سنوات.
وقال أهالي بقرية إبشان لـ”بوابة كفر الشيخ الإخبارية” إن المعلم محمد البسيوني عبد الخالق رحل جسديًا لكن أثره باقٍ في الأجيال التي علّمها، وفي كل طالب لمس قلبه أو كان سببًا في نجاحه،
لقد رحل الجسد، لكن سيرة المعلم الطيب ستبقى تُروى كما تُروى قصص العظماء في القرى الذين تركوا إرثًا من الأخلاق قبل العلم.